قمة النقل الدولي في موسكو - مستقبل التنقلات العالمية

في الفترة ما بين 21 و25 آب، تتحول موسكو إلى منصة عالمية لمناقشة مستقبل النقل، حيث تستضيف قمة النقل الدولية بمشاركة وزراء ومسؤولين وخبراء من مختلف دول العالم. هذه الفعالية الدولية لا تقتصر على كونها ملتقى لتبادل الخبرات، بل تمثل فرصة استراتيجية للأردن يمكن أن تفتح أمامه آفاقًا جديدة في تطوير أنظمة النقل، خصوصًا في العاصمة عمّان التي تواجه تحديات متزايدة في هذا القطاع الحيوي.
القمة، التي تنظمها مؤسسات حكومية في موسكو بالتعاون مع شركاء دوليين، تركّز على إيجاد حلول عملية قائمة على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة لمواجهة التحديات التي تعاني منها المدن الكبرى. ومن أبرز محاورها البحث في كيفية دمج الحلول الرقمية والتقنيات الصديقة للبيئة في قطاع النقل، وهو ما ينسجم مع توجهات الأردن في تحسين خدمات النقل العام، وتخفيف الضغط عن البنية التحتية، والانتقال نحو أنماط أكثر استدامة.
إن مشاركة الأردن في مثل هذه الفعاليات تمنحه فرصة للاطلاع على التجارب العالمية المتقدمة، سواء في استخدام البيانات الضخمة لإدارة حركة المرور أو في إدخال وسائل نقل بديلة مثل الحافلات الكهربائية والسكك الحديدية السريعة. هذه التجارب يمكن تكييفها بما يتلاءم مع خصوصية عمّان، الأمر الذي يسهم في رفع كفاءة الخدمات ويخفف من الأعباء اليومية التي يواجهها المواطنون في تنقلاتهم.
وعلى الصعيد الاستثماري، تشكّل القمة بوابة لبناء شراكات مع مدن وشركات رائدة في مجالات النقل والتكنولوجيا، بما يعزز من فرص استقطاب الاستثمارات إلى الأردن. فالاتفاقيات التي توقعها موسكو مع مدن مثل بكين وبانكوك، وما تفتحه من شبكات تعاون، تعكس التوجه العالمي نحو الشراكات الاستراتيجية، وهو ما يمكن أن يستفيد منه الأردن لتعزيز بنيته التحتية ونقل التكنولوجيا وتوطينها محليًا.
الفوائد التي يمكن أن يجنيها الأردن لا تقتصر على الجانب الفني والتقني، بل تمتد لتشمل الجانب الاجتماعي والاقتصادي أيضًا. فالنقاشات التي تشهدها القمة حول تطوير السلامة على الطرق، وتنظيم خدمات التذاكر بآليات ميسّرة، وتبني بدائل نقل صديقة للبيئة، تمثل قضايا أساسية في أجندة المملكة، وتسهم في تحسين جودة الحياة داخل المدن، وتقليل التكاليف الاقتصادية الناجمة عن الازدحام واستهلاك الطاقة.
إضافة إلى ذلك، فإن القمة تتيح فرصة ثمينة للأردن للمشاركة في منصة دولية كبرى تسعى إلى صياغة حلول مشتركة للتحديات التي تواجه المدن الحديثة. هذا الانخراط يمنح الأردن موقعًا مؤثرًا في النقاشات العالمية المتعلقة بالنقل، ويعزز صورته كدولة منفتحة على تبني الابتكار والتجارب المتقدمة بما يخدم مواطنيها.
إن انعقاد قمة النقل الدولية منذ عام 2019 واستقطابها سنويًا أعدادًا متزايدة من الخبراء والدول المشاركة، يؤكد أن العالم يسير بخطى متسارعة نحو تطوير أنظمة نقل حضرية حديثة. وبالنسبة للأردن، فإن الاستفادة من هذه التجارب وتوظيفها على أرض الواقع يمثل الطريق الأمثل لمواكبة التطورات العالمية، وترسيخ مكانة عمّان كمدينة تطمح إلى أن تكون نموذجًا إقليميًا في النقل الحضري الذكي والمستدام.
بقلم: م. فادي اسحاقات